من مآسينا منذ النصف الثاني من القرن العشرين أننا نتكلم كثيراً وأحياناً بأطيب النوايا عن أماني وأحلام غير قابلة للتحقيق. وهذه الأماني والأحلام غير قابلة للتحقيق لأنه قد سُحبت منا آليات تحقيق هذه الأماني وسكتنا عن هذه المأساة أو قصرنا عن قدرات حماية آليات التطور والتغيير والازدهار ولا نريد أن نعترف بذلك.
من ذلك أننا نتكلم بلا انقطاع عن تحقيق نهضة تعليمية وعلمية غير مسبوقة في جامعاتنا وعن أحلام اختراق مراكز أبحاثنا في الجامعات أو في المراكز المستقلة لآفاق البحث الإبداعي الذي يضيف إلى بوتقة الوعي العالمي في كل المجالات. كما نسرق بسذاجة مدهشة وبلا مشروعية شرف حصول أبناء مصر على جائزة نوبل في الكيمياء أو في تنظيم استعمالات الطاقة الذرية في العالم وكأن نسيجنا الاجتماعي أو التعليمي أو السياسي هو المسئول عن هذا الإنجاز العظيم وهم لم يحققوا إنجازاتهم القمية إلا بعد أن هجرونا وابتعدوا عنا وعن جامعاتنا ومؤسساتنا ذات المناخ الخانق لكل إبداع والتشريعات المضادة للمبادرة التي تحاصر الإنسان المصري في كل زاوية من زوايا الحياة والنماء.
وقد أصبحنا أبرع الناس في تقديم الأمنية مع سحب آليات حدوثها وإحداثها في نفس الوقت ، وامتزجت مع هذه البراعة ، البراعة والقدرة الفذة على إجهاض أي تحرك وأي طاقة فعالة نحو تحرك حقيقي في أي مجال من المجالات.
ولا بد أن نذكر ونحن بصدد هذه الحلقة الجهنمية المحبطة لأي تغيير أو تقدم حقيقي أن نرجع إلى الجذور حيث كان القرار منذ منتصف الخمسينات ، بالتحديد منذ مارس 1954 هو سحب الصلاحيات من كافة أجهزة ومؤسسات المجتمع من أجل اختزال الوطن كله في شخص وإرادة شخص وهو الزعيم القائد الواحد الأوحد الملهم وسموا هذا التردي المأساوي أننا نطور التشريعات من أجل توليد جمهورية رئاسية على نمط الديمقراطية الأمريكية !!! ولم تكن هذه نكتة ولكن خطط مأساوية واستراتيجيات بالغة البراعة طويلة الأمد نفذها بعض من جهابذة القانون وعلى رأسهم الجهبذ الأكبر الدكتور عبد الرازق السنهوري (وقد ندم على دوره في هذا الأمر فيما بعد) ولكن بعد فوات الأوان ، وحوصر المجتمع المصري ولا يزال محاصراً بترسانة ضخمة من القوانين والتشريعات تسحب الصلاحيات بذكاء شديد من كافة القوى الاجتماعية والأصلية والقاعدية، وفي النهاية تسحب التمكين من الشعب بأكمله.
ولكي تصل السخرية إلى قمتها تميز هذا العصر المأساوي بترديد مقولة أن الشعب مصدر السلطات تكرر آلاف المرات في كل مكان ومجال حتى في الدستور الذي يكرس الالتفاف على فلسفة الفصل بين السلطات الضرورية وآلياتها والذي يكرس سحب التمكين كاملاً من الشعب ومؤسساته بطرق بالغة الذكاء ظاهرها يختلف عن باطنها وادعاءاتها الوردية تهزمها تطبيقاتها المدمرة لإمكانية أي تحرك مؤثر من القواعد. وكل ذلك من أجل سيطرة مركزية كاملة لسلطة واحدة أحادية تمثل في آن واحد خليط من القوات المسلحة والسلطات التشريعية والقضائية منصهرة في سلطة تنفيذية جديدة لها كل السلطات والصلاحيات بلا رقيب أو حسيب أو آليات للشفافية أو المساءلة أو المراجعة.
والعجب أن الأغلبية بما فيها المثقفين وكبار رجال القانون ومعظم القوى السياسية والتعليمية والاجتماعية وقعوا في هذا الفخ المنصوب الذي جعل المجتمع المصاب بأسره يتحرك في قمقم حتى يتيح الوعي الجديد آليات جديدة للخروج من قمقم اللاحركة بعد أن أصبح المجتمع العلمي والمجتمع عامة بفضل ترسانة التشريعات الماكيافيللية غير قابل للتطور أو النمو بإرادة قاعدية طبيعية. والعجيب أننا أصبحنا من داخل هذا القمقم نتغنى بالديمقراطية والحرية والنهضة ومقولات الشعب مصدر السلطات ونتغنى بعدالة القضاء الشامخ وبحرية الإعلام المعجزة وتعدده وبروعة التحول الديمقراطي والتقدم الغير مسبوق وبكل الأماني الجميلة التي أصبحت مستحيلة التحقيق لكونها كلها تدور في قمقم يصاحبه فقدان آليات التطور، وكي لا تتوه الأمور سنركز في التطبيق بعد هذه المقدمة المقلقة على الجامعة وإن كانت نفس المأساة فعلت فعلها في الإعلام والسلطات القضائية والتشريعية والنقابات والاتحادات والجمعيات الأهلية وكافة مستويات المجتمع المدني.
ففي الجامعة حيث طُبقت فلسفة سحب التمكين من أجل سيادة الزعيم الوحيد الأوحد والسلطة المركزية الأحادية ، نُفذت لوائح وتشريعات جامعية لا يمكن لأي عاقل أن يدرسها ملياً دون أن يرى فيها معادلات لتحطيم الجامعة والبحث الإبداعي بغير رجعة.
وقد تم سحب استقلال الجامعات بعدة إجراءات بدءاً باقتحام وحشي جريء حيث تم تنفيذاً لما تقدم من استراتيجية سحب التمكين، تعيين شخص غير مؤهل وزيراً للتربية والتعليم ورئيساً للمجلس الأعلى للجامعات .
وأصبحت تعيينات القيادات الجامعية تعيينات سياسية علوية بدون أن تنتمي هذه القيادات إلى إرادة القواعد ولا إلى ديناميات القواعد أو الكفاءة بل على العكس تنتمي إلى فئة أقل كفاءة مؤهلاتها أنها سعت لتدور حول السلطات الجديدة وتثبت أنها من أهل الثقة. ويعلم كل علماء الاجتماع كيفية الحصول عل الثقة في هذه الظروف! وسعت مجموعات أهل الثقة هذه لتعويض قصورها الكفائي والعلمي والذهني عن طريق تقديم أنفسهم كخدام للسلطة الجديدة وكمخبرين على زملائهم وزميلاتهن وعلى الطلبة، وبطريقة غير مفهومة توقف التعيين في الجامعة مطلقاً إلا بموافقة جهاز غريب عن الجامعة ليس للجامعة سيطرة عليه ولا حق المشاركة في إدارته ولا قنوات لمحاسبته أو مساءلته ألا وهو "الأمن".
وبعد هذا التسييس المطلق للجامعات وإخضاعها للسلطة التنفيذية المختزلة في النهاية إلى شخص الزعيم الوحيد الأوحد وحزب الولاء المطلق للزعيم الوحيد الأوحد، قامت السلطة بتنفيذ قرار مدمر آخر آلا وهو منع السياسة في الجامعة وسحب فعالية اتحادات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بتشريعات من نفس النوع الماكيافيللي. وكان ذلك قرار متناقض مع نفسه فلم تتورع السلطة وهي تحرم زهرة طلاب مصر وشبابها من ممارسة السياسة والتعددية والتناظر والاختلاف الطبيعي داخل الجامعة بطريقة صحية تشمل المناظرة والحوار والمنطق، وقدح الرأي بالرأي والفكر بالفكر، بل التهمت السلطة الجامعة، أساتذتها وطلابها، سياسياً التهاماً وجعلت الجامعة منبراً وتابعاً ذليلاً مرغماً لآرائها وأفكارها الأحادية ونشطت السلطة الجديدة المانعة للحوار والتناظر بالجامعة تفرض على الجميع فكراً أحادياً علوياً مفروضاً بلا حق في مجرد المناقشة، حيث اقترن القرار الغاشم بمنع السياسة من الجامعة بتسييس فاضح وكامل للجامعة كمنبر للزعيم الوحيد الأوحد وللتنظيم السياسي الوحيد الأوحد باختلاف أسمائه في هذه الحقبات المأساوية. هذه الآلية على فكرة هي بذرة تكوين وتنشئة "الإرهابي" والعقلية الإرهابية ونمط السلوك الإرهابي.
لقد تكلمنا كثيراً عن عناصر العلاقة الصحية بين الجامعة والسلطة التنفيذية وهذه العلاقة يجب أن تشمل الاحترام المتبادل. وتشمل بالطبيعة احترام العلماء والمفكرين لمقتضيات الاستقرار المعقولة بناء على دوافع داخلية ومسئولة وليس بناء على أي ضغط خارجي أياً كان وتشمل من جهة أخرى تبجيل السلطة التنفيذية للحرية الأكاديمية مصونة لا تُمس (هذا إن كانت تمثل مصالح الشعب حقاً).
هذا وتبجيل السلطة التنفيذية للحرية الأكاديمية مصونة لا تُمس لها الحق في الاختلاف، ضرورة لا فرار منها ولا تتطور المجتمعات إلا عند نضوج السلطة التنفيذية لتفهم هذا الأمر، حيث الاختراع والاختراق والإبداع مفتاحه الحق في الاختلاف والحق في الإبداع والحق في الاختراق العلمي والفكري والسياسي والفقهي بطمأنينة كاملة. وهذا هو الخط الطبيعي لسلطة تنفيذية تمثل مصالح الشعب لأمد طويل حقاً حيث أنه وبالذات في العصر الحديث، الإبداع والابتكار والاختراق العلمي والفني وحرية التطبيق هم مفاتيح الشعب في الحياة وفي الوجود تحت الشمس وأمله الوحيد في تخليق قيم مضافة مطلوبة من الآخرين أي القدرة على "التصدير" لوجود مُنتَج مبدع يضيف إلى ما هو موجود أو يضاهيه على الأقل. وهذا هو الطريق للتقدم الاقتصادي المنشود ولإمكانية وجود مكان لهذا الشعب، المحررة إمكاناته الإبداعية تحت الشمس، في العالم الحديث المتحدي الذي تتوالى فيه الاختراعات والإبداعات العلمية والفنية والمفاهيمية بلا توقف.
أما حين تختار السلطة التنفيذية السيطرة والثبات والتمكين فوق كل شيء فهي تفرض الركود والجفاف وتدني المستوى على عملية التعليم العلمي والبحث العلمي والفكري والفني وهو الذي نراه فعلاً ولا نريد أن نعترف به ويراه الجميع من الخارج ويقرع أبوابنا قرعاً ولكننا لا نعترف بل نتهم الناقدين المخلصين بالإغراض والإجحاف والنظرة السوداوية.
ونكرر أن السلطة التي تختار السيطرة والثبات عن طريق سحب التمكين قبل أي اعتبارات أخرى هي سلطة تطعن شعبها في الصميم حيث تسحب إمكانياته الإبداعية والابتكارية وتتركه تائهاً بلا إمكانات أو دفاعات في عالمنا الحديث، حيث القدرة على الإبداع والابتكار والاختراق العلمي والتطبيقي ضرورة للحياة وللتواجد تحت الشمس بين الأمم القوية بإبداعاتها.
إذاً لا نتعجب عندما تفشل مصر في أن تظهر جامعة واحدة من جامعاتها من بين الجامعات المميزة في العالم بأسره.
وإذا أردنا أن نكون إيجابيين حقاً وإذا قر قرارنا على أن نحقق الكلام الجميل الذي نسمعه في كل مكان وبالأخص الكلام الذي نسمعه في الحزب الوطني فإنه يجب مواجهة ترسانة التشريعات التي عملت على سحب التمكين من الجامعة وباقي المؤسسات الحيوية في المجتمع.
وأول هذه الخطوات في الجامعة هو أن يصعد رؤساء الجامعات والقيادات من القواعد وألا تكون هذه المناصب سياسية وأن يتم انتخاب القيادات من القواعد التي تمتد عرضاً وطولاً ومع التطوير تشمل الطلاب في السنوات الوسطى والنهائية حتى المدرسين والأساتذة ، كما يتم وبسرعة إلغاء الدور الغير شفاف والغير مطلوب "للأمن" تجاه أعضاء هيئة التدريس وتجاه الطلبة ودور الحرس الجامعي الذي خرج تماماً عن ما هو مطلوب للحفاظ على الجامعة وأساتذتها وطلابها. وجعل همه إجهاض أية مبادرات طبيعية وتحقيق الثبات والاستقرار بمعادلة هي الطريق إلى التدهور والتعصب وضياع الاستقرار.
وبطبيعة الحال يكون للطلبة تمثيلهم في اتحاداتهم بطريقة مشروعة لا تدخل فيها. ونحن محرومون بصفة مزمنة من معرفة الاتجاهات الحقيقية والآراء الحقيقية للقواعد وللطلاب، حيث أن التدخل الأمنى المستمر والشطب الغير مفهوم لقوائم الطلاب يولد حالة رد فعلية يجعل جمهرة الطلاب تتعاطف مع اتجاهات وتيارات قد لا تكون مقتنعة بها في ظل الديناميات الطبيعية وفي ظل إمكانات التناظر والحوار المطمئن.
عدم إتاحة حرية التكوين والتمثيل للطلبة وحرمانهم من المناظرات الحرة الراقية ومن المبادرات القاعدية الطبيعية يضعف ويضيع شبابنا ويدفعه إلى ظلام وعدم وعي عن حقيقة المجتمع المصري ومشاعره ومشاكله الحقيقية الحقيقية، وهذا على عكس حريات وصلاحيات مادية غير مسبوقة يقدمها النظام لمراكز قوى فاقدة لحب واقتناع القواعد بها وفاقدة للانتماء الاجتماعي الحقيقي وهي فئة مهددة للاستقرار حيث أصبحت تتمتع بسلطة غير نابعة بطريقة طبيعية من القواعد وبصلاحيات وميزات لا رقابة قاعدية عليها ولا مساءلة أو شفافية مفروضة عليها. ومن القواعد الاجتماعية الإساسية أن التميز الغير مشروع والسلطة بلا كفاءة أو مساءلة تكون فئة تضاد التغيير وتضاد الاصلاحات الحقيقية المطلوبة ويحتاج الأمر إلى بحث عميق في كيفية تحييد هذه القوى التي نمت في الجامعة وفي غيرها من مؤسسات المجتمع بطريقة سرطانية.
وغنيٌ عن القول أن ننبه إلى هذه القفزة في الحياة الجامعية والتعليمية في مصر لو نجحنا في اتخاذها ستشد معها مناخاً أكثر فهماً للتعدد وأكثر فهماً لقضية احترام الاختلاف والتناظر معه بالحجة وبالمنطق وليس بالعنف والرفض والتجريم والبتر وستحمل معها إذابة طبيعية للعنف والتطرف بكل أنواعه.
وإني أتهم الفهم الأمني لعملية ترويض الجامعة هيئة تدريس وطلاب وإحكام السيطرة عليها كطريق مختار للأمن والاستقرار، بالمسئولية الأولى عن الفقر الفكري والثقافي والفني وغياب التفاعل الحواري الصحي، الذي هو، على عكس مطالب الأمن الحقيقي، مولد للتعصب الديني والتزمت والعنف والسلوك الإنفجاري والتطرف يميناً أو يساراً مع الفقر الفكري والإبداعي.
وليس عجيباً أن الشباب الذين مورست عليهم ممارسات العنف والرفض والتجريم والبتر بلا عدل أو شفافية ينشأوا غير مؤهلين لمواجهة الآخر والمختلف إلا بنفس هذه الممارسات. وليس عجيباً أيضاً أن لائحة الجامعات التي حولت أعضاء هيئة التدريس إلى مجرد موظفين لا يمكن تعيينهم إلا بموافقة جهات أمنية غامضة غير قابلة للمساءلة وغير مفروض عليها الشفافية، قزمت أعضاء هيئة التدريس وجعلتهم فاقدي المصداقية لدى المجتمع ولدى طلابهم، ولدى سلطات الدولة التي يتبعونها. كما تابعت السلطة خطوة تحويل هيئة التدريس إلى موظفين تابعين مؤهلين للترقية أتوماتيكياً بالأقدمية "محميين" بتشريعات إضافية تكاد تمنع تعيين الكفاءات من الخارج. وتغطية لهذا التردي المهول الذي واكب تحويل أعضاء هيئة التدريس إلى مجرد موظفين يترقون بالأقدمية ومحميين من التقادح مع أي كفاءات خارجية، تم اشتراط تقديم عدد معين من الأبحاث عند الترقية، وما هي هذه الأبحاث التي ننتظرها من موظفين ينتظرون قبل تعيينهم أولاً قرارات جهات أمنية غير شفافة، وترأسهم قيادات سياسية عينت من أعلى في مواقعها بناء على الولاء والثقة وليس على الكفاءة أساساً ؟
وليس عجيباً أن لائحة تنظيم الجامعات والترقية بالأقدمية والأبحاث نتج عنها ارتفاع هائل في عدد الأبحاث مع انخفاض هائل في قيمة هذه الأبحاث! حتى أن البحث العلمي في الجامعات أصبح معظمه عبئاً ثقيلاً على طلبة وطالبات الدراسات العليا وعلى أعضاء هيئة التدريس حيث يعلم الجميع أنها عملية سد خانات من أجل الترقية لمجموعة موظفين يرأسهم ربيب للنظام السياسي وكل ما يصرف على هذه الأبحاث ويضيع عليها من وقت ينتهي في الأغلب الأعم إلى لا شيء. ولا يؤدي إلى تغير في الوعي العلمي العالمي أو الإنساني ولا يؤدي إلى تغير في الممارسات العلمية أو العملية.
أما عن الأزهر فقد كان مرشحاً لأن يكون منارة التطور والنهضة الحديثة لمصر وللعالم الإسلامي في مجالات الدين والفقه والعلوم والمعارف والفنون، وتراجع مع باقي الجامعات والمؤسسات في ظل تشريعات ماكيافيللية ظاهرها التطوير وباطنها سحب التمكين من أجل اختزال الوطن في شخص الزعيم الوحيد الأوحد وحزبه الوحيد الأوحد ذو الفكر الثابت الصحيح الوحيد الأوحد ولذلك قصة أخرى في مجال آخر.
د. طارق علي حسن
البريد الالكتروني : tali@idsc.net.eg