Thursday, April 21, 2011

من هم أولى بالشرعية الثورية ؟

عن ضرورة الشفافية و المصارحة وتفعيل آليات اشتراك الثوار في الخطوات القادمة لانتقال السلطة و تكوين و تقوية الشرعية الجديدة
الخميس 3 فبراير2011
من هم  أولى بالشرعية الثورية ؟
ثوار 25 يناير 2011 أم ضباط حركة 1952
في 52 انتزع الضباط الشبان الذين جاءوا إلى الحكم في انقلاب ناجح تبعه بلا جدال تعضيد شعبي كبير، انتزعوا لأنفسهم  حق الشرعية الجديدة بل و حق ممارسة السلطة المطلقة و تبعها حق إلغاء الدستور وإلغاء الأحزاب وحل البرلمان، ، وقد رضي الشعب بذلك آنذاك، وهو في نشوة و سكرة السعادة بطرد الملك، على وعود مغلظة أن إلغاء الدستور والأحزاب و مجلس قيادة الثورة المؤقت بما انتزعه من شرعية " بإسم الشعب" هو الطريق إلى تحرير الحياة الحزبية لهذا الشعب العظيم مصدر السلطات الذي لم يكف منذ 1919 عن المطالبة بالحرية و الديمقراطية والدستور والعدالة. وبسرعة و بطرق بالغة الذكاء تم النكوص عن كل هذه الوعود فيما سمى بالمرحلة الانتقالية للثورة وللإصلاحات، والخطوات العلوية الضرورية لتحقيق حلم الدستور وسلطة الشعب.
والمهم في هذا المنعطف هو أن ضباط 23 يوليو 1952، الذين أخذوا الوصاية على الثورة الشعبية، أعطوا أنفسهم -بلا شرعية حقيقية آنذاك- إلا ما منحهم الشعب من ثقة، وبتعضيد من أكبر فقهاء الدستور آنذاك وهو السنهوري، التصريح بممارسة ما سمي بالشرعية الثورية، و أدي هذا التسيب من قبل الشعب الثائر مع بعض الخيانات الموثقة التي لا مجال لمناقشتها الآن، إلي تحول الانقلاب الذي تبناه الشعب فأصبح ثورة ثم تمكن من خيوط السلطة بدعوي الشرعية الثورية، بدلا من أن يكون رأس الحربة في مسيرة دءوبة نحو الدستور والديمقراطية، تحول إلي  توليد ديكتاتورية عسكرية عنيفة تمسك بزمام كل السلطات بكل ما تحمله الديكتاتوريات من فوائد مبهرة مغرية قصيرة الأمد و من فساد وكبائر وبلاء أكبر علي الأمد الطويل يشمل تدمير شخصية المواطن و سيادة دولة الخوف بالإضافة إلي المغامرات الخارجية الكارثية  كما علمنا ويعلمنا التاريخ بكل وضوح.
هل نكرر إذا أخطاء و مآسي الماضي و نعمل علي تهميش تدريجي لأصحاب الثورة الحقيقيين في عملية إنتقال السلطة والشرعية؟ نذكر أن حالات الفوضي و انعدام الوزن التي تصاحب زوال عهد و ميلاد عهد جديد شئ طبيعي و مؤقت و بلا خطورة إذا عولج بحكمة مع سرعة تمكين أصحاب المصلحة الحقيقية في نجاح و فلاح القواعد العريضة الوسطية من الشعب التي هي بدون أجندات عقائدية تعصبية وأجندتها الوحيدة الحرية و الديمقراطية و العدل و دستورها و آلياتها، وما يصاحبها مؤكدا من ازدهار اقتصادي و إنساني و كرامة للوطن و المواطن.  لماذا نتباطأ في تفعيل آليات المشاركة الحقيقية في عملية انتقال السلطة وتفعيل الثورة بخطوات التمكين للثوار الذين يمثلون قواعد شعبية عريضة حقيقية وظاهرة في كل مكان وعلي أقل تقدير لماذا نعزل الثوار عن المشاركة الواضحة الشفافة و عن الحوار متعدد الأوجه ونظل أساري لمنظور الوصاية و للقرارات الفوقية بلا ديناميات مفهومة.
بعد أن جربنا إختطاف الشرعية الثورية منذ مارس 1954 ننادي بضرورة العمل الدءوب ثاقب الرؤيا من أجل انتقال الشرعية الثورية الجديدة إلي أصحابها الشرعيين أي إلي الأجيال الجديدة العريضة التي أثبتت نفسها جديرة و راغبة و قادرة علي التغيير،حتي لا نتوه و تتوه منا الثورة المعجزة في تفاصيل وفرعيات مصطنعة و متعمدة أحيانا، للإلهاء و لسرقة الثورة مرة أخري أو علي الأقل "لبقاء الحال علي ما هو عليه" مع بعض التغييرات في الوجوه. و تستعمل في هذا الطريق فزاعات عديدة لا نقلل من أهميتها و لا من أهمية العمل من أجل حل معضلاتها مثل الاستقرار الأمني و النمو الاقتصادي و دوران عجلة الإنتاج و الالتزام ومواجهة التعصب و الفتنة المصنعة و المغرضة.. و لكن مع كل هذه الفزاعات و المخاطر لا بد أن نعمل بلا كلل مسترشدين بالوعي أن ما حدث بمصر منذ 25 يناير هو حدث جلل و عظيم أخشي أن الكثيرين  -حتي أصحابه و أبطاله- لا يدركون مدي الكنوز الكامنة في الحدث الفريد المعلم للعالم كله.
إذا كانت ثورة عرابي انتكست ثم تحولت غلي انكسار و استعمار و ثورة 1919 سميناها ثورة منتكسة أو غير مكتملة و ثورة 1952 سميناها و سماتها الوقائع ثورة منتكسة فحاشا الله ألف مرة أن ينجح قصر النظر في القيادات أو في القواعد في تحويل ثورة 25 يناير إلي ثورة منتكسة أو ثورة غير مكتملة تنتج جنينا ناقصا مشوها متعجلا يقصر عن حلم الحرية و الديمقراطية و العدل. ثورة 25 يناير 2011، هذا الانجاز المعجز المعلم يطالب و ينادي و يستحق أن يؤدي إلي ميلاد مكتمل صادق لمصر الجديدة حقا مصر الثورة و ما بعد الثورة. و لنذكر أن الثورة تحتم قفزة مفاهيمية و ثقافية و أدائية و إعلامية وتعليمية ضخمة في كل المجالات، علينا أن نركز في طرق تحقيقها و في تمكين أصحاب الفكر الجديد من كل الأعمار من الأمناء علي تحقيقها، بدلا من تشتيت التركيز في قضايا فرعية قد تكون مصنعة ومدسوسة عمدا للتمويه، و علينا الاهتمام بالأولويات لكي لا تتحول "الثورة" بالتدريج الغير محسوس، إلي مجرد ومضات بديعة و ذكريات جميلة، أو أليمة مأساوية، بلا متابعة، بينما يجري اختزال الثورة في إجراءات، دراماتيكية إعلاميا، تجاه بعض رموز النظام السابق دون أن تصاحبها آليات تنوير وتثقيف وتأريخ علمي حقيقي لكيفية تردي الأحوال إلي ما تردت إليه ومعرفة آليات التردي التي هي أهم عطاء منتظر من محاكمات شفافة  وعلنية، هو ما ينير الطريق لآليات الخروج و آليات منع التكرار مع تمكين ذكي و متصاعد لصانعي الثورة الحقيقيين. و لن تتم الثورة إلا مع القفزة المفاهيمية الثقافية التعليمية الاعلامية التي لا تأتي بالتمني و لكن بتمكين الثوار أصحاب المشروعية الحقيقية و في النهاية تفعيل أن "الشعب مصدر السلطات".  

No comments:

About Me

My photo
doctor, teacher at university and musician, composer dramatist committed all my life to health and resolution through expression/communication and the marriage of art and science in the service of that miracle LIFE and that even rarer miracle the conscious HUMAN BEING. DO VISIT MY WEBSITE: www.tarekalihassan.org