عندما تتحول القيادات الفنية و العلمية إلي تعيينات سياسية منغمسة في العمل علي الحفاظ علي الرضا و في الادارة لصالح التوجيه السياسي الرائد الأول لصناعة القرارو للتقدم الوظيفي أو للنبذ و التهميش، ينهار العلم وتنهار المهارة و تذوي القدرة و الجرأة علي الابتكار و التجريب و الاستكشاف و الابداع و يختفي المثل الأعلي المعلم المرشد المبدع من وجدان الشباب لتحل محله المخاوف المزمنة من الرئاسات السلطوية التي لا تعلم ولا تنمي مواهب الشباب و لا قدراته بقدر ما تربيه علي الطاعة و الانصياع و الخوف من قرارات عشوائية بلا أسباب أو مقدمات أو حيثيات.
و كل هذا يهون ويمكن أن يجري اصلاحه مع الوعي و حسن التشخيص والانجذاب الطبيعي لحلاوة العلم و التفوق و الخدمة العامة الانسانية المتميزة، لو لم يكن هذا التردي يتم قي ظل بنيان من الأكاذيب يضخم بشكل مرضي في الانجازات الهائلة و المعجزات و البراعة المتصورة ليحبس القيادات و التابعين في أوهام التفوق و العظمة و الحقيقة تخلف و تراجع علي المستوي العلمي و الانساني و الأدائي و التركيبة كلها تقاوم أي آلية للتغذية المرتجعة الحيادية مقاومة مستميتة بعدوان و سرية ضد الشفافية وضد أي تحليل موضوعي للأداء، توازي ما يحدث في الحروب ولا نعرف الحقائق إلا عن طريق الصدمات عندما نفاجأ بالفجوة الهائلة بين تصوراتنا و أوهامنا و الواقع المر، و الثمن يدفعه باهظا أبرياء و مظاليم كثيرون من كل المستويات و الاتجاهات
في أول أيامي كطبيب امتياز ثم كطبيب مقيم تعرضت لما لا يخطر علي البال من هدم منهجي لكل الآمال و الأحلام الكبري التي كانت تجيش بها صدورنا كأطباء شبان سنغير من وجه الحياة علي أرض الوطن الحبيب.. كانت البداية هي التبعية لمدير عسكري لا يفهم في الطب إلا أقل القليل وكان يصدر أوامره لنا بطريقة عسكرية آمرة جافة ثم صدمة اكتشاف قوي جديدة غامضة تتحكم في المستشفي و الكلية ويخشاها الجميع بما فيهم أساتذه لنا كنا نعتبرهم مثل عليا واكتشفنا لمبات حمراء تضاء علي مكتب الأستاذ تمنع الجميع عدي "شباب" غامض يأتي ويروح بحرية وعنجهية لم نعهدها في مشوارنا عبر العلماء الذين كانوا مثالا للعظمة و التواضع معا و أذكر منهم عبد الحميد جوهر،شفيق الريدي، علي حسن أنور المفتي، عدلي الشيخ،حليم قلدس جريس والعجيب حقا أن المتغيرات الجديدة قادت إلي اختفاء هذه الأحجام من الأساتذة و ظهر ما يمكن أن نسميه الأساتذة الصغار، نوعية جديدة ستصبح في الجامعة مثل الطاعون يزيح أمامه كل شيء صحي وصالح،
No comments:
Post a Comment